والثالث: للإمام أحمد بن حنبل، كما جاء في جل أصوله المنصوصة عنه، وهو أنها صحيحة ملزمة إذا لم تخالف نصاً شرعياً، لأن الأصل في الشروط العقدية عموماً الجواز والصحة إلا ما دل الكتاب أو السنة أو القياس الصحيح على حظره أو إبطاله.
وقد ترجح لدينا الاتجاه الأخير، وهو ما اختاره ورجحه وانتصر له شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم.
٨ - أن مسألة اشتراط الضمان على الأمين ومدى صحته قضية فقهية خلافية تباينت فيها أنظار العلماء منذ القرن الهجري وحتى العصور المتأخرة، وللفقهاء فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن هذا الشرط باطل، وهو اتجاه المذاهب الأربعة على المشهور المعتمد عندهم.
والثاني: أنه صحيح ملزم، وهو قول قتادة وعثمان البتي وعبيدالله بن الحسن العنبري وداود الظاهري وأحمد في رواية عنه والمالكية في غير المشهور والحنفية في المرجوح. وقد رجح هذا القول وانتصر له الإمام الشوكاني من المتأخرين.
والثالث: التفصيل في المسألة وهو قول مطرف من أصحاب مالك.
وبعد النظر في أدلة الفقهاء ومناقشتها ظهر لنا رجحان القول بجواز اشتراط الضمان على الأمين، وأنه صحيح ملزم شرعاً ما لم يتخذ حيلة إلى قرض ربوي.
٩ - أن المراد بتضمين الأمين بالشرط – في الاصطلاح الفقهي – منحصر في "ضمان المتلفات"، بمعنى جعله متحملاً لتبعة الهلاك الكلي أو الجزئي – مهما كان سببه – للمال الذي حازه في عقد الأمانة، بحيث يلتزم برد مثل التالف إن كان من المثليات وقيمته إن كان من القيميات. وعلى ذلك فلا يغرم المضارب شيئاً من الخسارة والنقصان في رأس مال المضاربة – بدون تعديله أو تفريطه – إذا اشترط عليه الضمان، لأن ذلك الغرم خارج عن موجبات ذلك الشرط أصلاً، بالإضافة إلى أنه غير سائغ شرعاً. والله تعالى أعلم.