للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبير بأعمال القلوب، وتسميتها أحوالًا ومقامات وتفصيل دقائقها، ولكنهم ضلوا عن المنهج القويم في فهم هذه الأعمال بسبب بعدهم عن الكتاب والسنة وفهم السلف، وبسبب كذلك تأثرهم بصوفية الهند واليونان وقعوا في خلل عظيم في أعمال القلوب.

وهذه شواهد على هذه الانحرافات من كتاب ظاهرة الأرجاء: "فمن ذلك ضلالهم في الرضا -الجامع للانقياد والقبول- فقد خرجوا فيه عما كان عليه السلف إلى معنى فلسفي وثنيٍّ، هو الرضا المطلق بكل ما في الوجود لأنه من إرادة الله وقدره، حتى اعتقدوا وجوب الرضا بالكفر والفسوق والعصيان، ووقعوا في الجبر المحض تحت ستار ما أسموه شهادة الحقيقة الكونية والاستبصار بسر الله في القدر (١).

وضلوا في الرجاء والمحبة: حيث افتعلوا بينهما تناقضًا، فاحتقروا الرجاء واعتبروه أضعف مقامات المريدين، وغلوا في المحبة حتى أسقطوا ما يقابلها من الخوف، وجعلوا


(١) أي: النظر في القدر دون الشرع: وذلك بالنظر إلى الحقيقة الكونية دون الحقيقة الشرعية (أمر الله ونهيه)، والوقوع في الجبرية المحضة، وهذا مخالفٌ للحس والعقل، فإن الإنسان بحسه يعرف ما يضره وما ينفعه، وهذا داخل في الحقيقة الشرعية الدينية، وكذلك مخالف عقلًا، فإنه إذا عومل أحدهم بموجب مذهبه بأن يُضرب أو يُجاع، فإن لام من فعل به ذلك فقد نقض قوله، وقيل له: هذا فعلٌ مقضيٌّ مقدور، فإن كان القدر حجةً له أيضًا، وإلا فليس بحجةٍ لك ولا له.
ينظر: شرح الرسالة التدمرية، للدكتور محمد الخميس (٤٧٨ - ٤٧٩) دار أطلس الخضراء، طبعة ١٤٢٥ هـ.

<<  <   >  >>