للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا هو الخشوع أي: حضور القلب بين يدي الله في الصلاة.

قال ابن كثير رحمه الله: "والخشوع في الصلاة إنما يحصل بمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين" (١).

١٢ - إسباغ الوضوء وعدم تحديث النفس بأمور الدنيا في الصلاة:

عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إِنَائِهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الوَضُوءِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، وَقَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (٢).

١٣ - ويشعر بقلبه عند تكبيرة الإحرام وفي بقية صلاته بأنه يناجي ربه، وأن الله قد نصب وجهه الكريم -سبحانه وتعالى- لوجه المصلي، فلا ينبغي له أن يلتفت عن ربه بلقبه ووجهه:

وبوّب ابن خزيمة فقال رحمه الله: "باب الأمر بالخشوع في الصلاة، إذ المصلي يناجي ربه، والمناجي ربه يجب عليه أن يفرغ قلبه لمناجاة خالقه -عز وجل-، ولا يشغل قلبه التعلق بشيء من أمور الدنيا يشغله عن مناجاة خالقه" (٣).


(١) تفسير ابن كثير (٥/ ٤٦١ - ٤٦٢).
ونقل شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٧/ ٢٨) عن مجاهد رحمه الله قوله في معنى الآية: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ٢]: "غض البصر وخفض الجناح، وكان الرجل من العلماء إذا قام إلى الصلاة يهاب الرحمن أن يشذ بصره، أو أن يحدّث نفسه بشيء من أمر الدنيا".
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب المضمضة في الوضوء (١/ ٤٤) ح (١٦٤)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله (١/ ٢٠٤) ح (٢٢٦).
(٣) صحيح ابن خزيمة (١/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>