للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: " {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ} أيها المرسل إليهم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب {كِتَابًا} جليلًا وقرآنًا مبينًا، {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي: شرفُكم وفخركم وارتفاعكم، إن تذكرتم به ما فيه من الأخبار الصادقة فاعتقدتموها، وامتثلتم ما فيه من الأوامر، واجتنبتم ما فيه من النواهي، ارتفع قدركم، وعظم أمركم، {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ما ينفعكم وما يضركم؟! كيف لا ترضون ولا تعملون على ما فيه ذكركم وشرفكم في الدنيا والآخرة؟! فلو كان لكم عقل لسلكتم هذا السبيل، فلما لم تسلكوه، وسلكتم غيره من الطرق التي فيها ضعتكم وخستكم في الدنيا والآخرة وشقاوتكم فيهما، علم أنه ليس لكم معقول صحيح، ولا رأي رجيح.

وهذه الآية مصداقها ما وقع، فإن المؤمنين بالرسول الذين تذكروا بالقرآن من الصحابة فمن بعدهم حصل لهم من الرفعة والعلو الباهر والصيت العظيم والشرف على الملوك ما هو أمر معلوم لكل أحد، كما أنه معلوم ما حصل لمن لم يرفع بهذا القرآن رأسًا، ولم يهتد به ويتزكَّ به من المقت والضعة والتدسية والشقاوة، فلا سبيل إلى سعادة الدنيا والآخرة إلا بالتذكر بهذا الكتاب، {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: ٤٣، ٤٤] " (١).

وقال تعالى في بيان آثاره العظيمة: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [إبراهيم: ١، ٢].


(١) تفسير السعدي (٥١٩).

<<  <   >  >>