للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أضاع نفسه، [وغبن] (١) مع ذلك .. تجده حافظًا لماله، مضيعًا لدينه" (٢).

وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوا أنفسكم قبل أن توزنوا؛ فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحُاسِبوا أنفسَكم اليومَ، وَتَزَيّنوا للعرض الأكبر؛ يومئذٍ تُعرَضون لا تخفى منكم خافية" (٣).

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩].

قال البغوي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: " {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} الذين جاهدوا المشركين لنصرة ديننا، {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} لنثبتنهم على ما قاتلوا عليه، وقيل: لنزيدنهم هدى كما قال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]،


(١) في الأصل: (وعسى)، وفي إغاثة اللهفان (١/ ١٣٢): (وغبن)، وهو الصحيح الذي يستقيم به المعنى، والله أعلم.
(٢) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (٢٥) مع بعض التصرف اليسير، والكتاب ت: المستعصم بالله أبي هريرة مصطفى بن علي، دار الكتب العلمية بيروت، ط ١، ١٤٠٦ هـ.
(٣) الزهد لأحمد بن حنبل (٩٩) وضع حواشيه: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط ١، ١٤٢٠ هـ.
ونقل ابن أبي الدنيا عن الحسن البصري رحمه الله في محاسبة النفس (٢٥) قوله: "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة من همته".
وفي كتاب محاسبة النفس (٦٠) أيضًا عن الحسن قال: "المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله -عز وجل-، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، إن المؤمن يفجؤه الشيء ويعجبه، فيقول: والله إني لأشتهيك وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما صلة إليك هيهات، حيل بيني وبينك. ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: هيهات .. وما لي ولهذا؟! والله ما أعذر بهذا، والله لا أعود إلى هذا أبدًا إن شاء الله. إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم. إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئًا حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه، وفي بصره، وفي لسانه، وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كله".

<<  <   >  >>