للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في وسطها: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: ١١٤] أي: أفغير الله أبتغي من يحكم بيني وبينكم، فنتحاكم إليه فيما اختلفنا فيه، وهذا كتابه سيد الحكام؟! فكيف نتحاكم إلى غير كتابه، وقد أنزله مفصلًا، مبينًا كافيًا شافيًا؟!

وأنت إذا تأملت هذه الآيات الثلاث حق التأمل، رأيتها هي نفس الرضا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولًا" (١).

وقد ورد في السنة عدد من الأحاديث عن الرضا منها:

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» (٢).

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» (٣).

وعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -رضي الله عنه-، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا».

دلت الأحاديث الثلاثة على أن من رضي بالله ربًّا، وبمحمد رسولًا، وبالإسلام دينًا، غفر له ذنبه، ووجبت له الجنة، وذاق طعم الإيمان في الدنيا الذي هو جنة معجلة.


(١) مدارج السالكين (٢/ ١٧٨).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه (١/ ٢٩٠) ح (٣٨٦).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب بيان ما أعده الله تعالى للمجاهد في الجنة من الدرجات (٣/ ١٥٠١) ح (١٨٨٤).

<<  <   >  >>