للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ -وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ-: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (١).

قال الخطابي رحمه الله: "هذا الحديث أصل في الورع وفيما يلزم الإنسان اجتنابه من الشبهة والريب" (٢).

وعَن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «فَضْلُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ» (٣).

ودل الحديث على مكانة الورع، وأنه خير الدين، فعلى الداعية الموفق الحرص على هذا العمل القلبي العظيم والتخلق به، فإنه من الصفات العظيمة التي لها أثر في نجاح الداعية في دعوته.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١]، وَقَالَ: {يَاأَيُّهَا


(١) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه (١/ ٢٠) ح (٥٢)، ومسلم واللفظ له في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات (٣/ ١٢١٩) ح (١٥٩٩).
(٢) معالم السنن (٣/ ٥٦).
(٣) أخرجه الحاكم في كتاب العلم (١/ ١٧٠) ح (٣١٤)، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وحسن إسناده المنذري في الترغيب والترهيب في كتاب العلم والترغيب في العلم وطلبه وتعلمه (١/ ٥٠) ح (١٠٣)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢/ ٧٧٦) ح (٤٢١٤).

<<  <   >  >>