للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ١٧٢]»، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ: «يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» (١).

قال ابن رجب رحمه الله: "ومن أعظم ما يحصل به طيبة الأعمال للمؤمن طيب مطعمه، وأن يكون من حلال، فبذلك يزكو عمله" (٢).

وهذا أعظم الورع الذي يثمر التوفيق للداعية في دعوته، وما قد يحصل من خلل في الدعوة وقصور، إذا فتشت وجدته من قبل عدم التورع عن المطعم أو المشرب أو الملبس أو المركب أو المال المشتبه فيه.

وعَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْديِّ (٣) قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْهُ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» (٤).

وعلق ابن رجب على هذا الحديث فقال: "وهذا هو الورع، وبه يحصل كمال التقوى" (٥).

وهذا الحديث قاعدة عظيمة في الورع.


(١) أخرجه مسلم في الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها (٢/ ٧٠٣) ح (١٠١٥).
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٦٠).
(٣) ربيعة بن شيبان أبو الحوراء السعدي، من التابعين، ووثقه كل من النسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. لم أعثر على من سنة وفاته رحمه الله.
ينظر: التاريخ الكبير (٣/ ٢٨٢)، الثقات للعجلي (١/ ٣٥٧) ت: عبد العليم البستوي، مكتبة الدار المدينة النبوية، ط ١، ١٤٠٥ هـ، تهذيب التهذيب (٣/ ٢٥٦).
(٤) أخرجه الترمذي في أبواب صفة القيامة والرقاق والورع، باب .. (٤/ ٦٦٨) ح (٢٥١٨)، وقال: "وهذا حديث صحيح"، والنسائي واللفظ له أخرجه في كتاب الأشربة، الحث على ترك الشبهات (٨/ ٣٢٧) ح (٥٧١١)، وصححه الحاكم في كتاب البيوع (٢/ ١٥) ح (٢١٦٩) ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٦٣٧) ح (٣٣٧٧).
(٥) فتح الباري لابن رجب (١/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>