للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلامًا قريبًا من هذا، وقال لي مرة: لا أترك الذِّكْر إلا بنيّة إجمام نفسي وإراحتها، لأستعدَّ بتلك الراحة لذِكْر آخر. أو كلامًا هذا معناه" (١).

وقال رحمه الله عن شيخه: "وكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ما شاء الله" (٢).

ويقول أيضًا عن شيخه عند صعوبة مسائل العلم وإشكالها عليه: "وشهدت شيخ الإسلام -قدس الله روحه- إذا أعيته المسائل واستصعبت عليه فر منها إلى التوبة والاستغفار، والاستغاثة بالله واللجأ إليه، واستنزال الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليه مدًّا، وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ، ولا ريب أن من وفق لهذا الافتقار علمًا وحالًا، وسار قلبه في ميادينه بحقيقة وقصد، فقد أعطي حظه من التوفيق، ومن حرمه فقد منع الطريق والرفيق، فمتى أعين مع هذا الافتقار ببذل الجهد في درك الحق، فقد سلك به الصراط المستقيم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم" (٣).

وقال أيضًا: "حقيقٌ بالمفتي أن يكثر الدُّعاء بالحديث الصحيح: «اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (٤)، وكان شيخنا كثير الدعاء بذلك.

وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول: «يا معلم إبراهيم، علِّمني»، ويكثر الاستغاثة بذلك، اقتداءً بمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- حيث قال لمالك بن يَخامِر السَّكْسكي (٥)


(١) الوابل الصيب من الكلم الطيب (٤٢).
(٢) الوابل الصيب (٤٨).
(٣) إعلام الموقعين (٤/ ١٣٢)، ت: محمد عبد السلام، دار الكتب العلمية بيروت، ط ١، ١٤١١ هـ.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (١/ ٥٣٤) ح (٧٧٠).
(٥) مالك بن يَخامِر السّكْسكي الألهاني الحمصي. قال ابن عساكر: يقال له صحبة. وقال أبو نعيم: ذكر في الصحابة ولا يثبت. واختلف في سنة وفاته رحمه الله ورضي عنه قيل: سنة (٦٩ هـ)، وقيل: سنة (٧٠ هـ)، وقيل: سنة (٧٢ هـ).
ينظر: أسد الغابة (٤/ ٢٨٠)، الإصابة في تمييز الصحابة (٥/ ٥٦٣).

<<  <   >  >>