للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أخبر الناس والأمراء سنة اثنتين وسبعمائة لما تحرك التتار وقصدوا الشام: أن الدائرة والهزيمة عليهم، وأن الظفر والنصر للمسلمين، وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينًا، فيقال له: قل: إن شاء الله، فيقول: إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا .. وكانت فراسته الجزئية في خلال هاتين الواقعتين مثل المطر.

ولما طُلب إلى الديار المصرية وأريد قتله -بعدما أنضجت له القدور، وقلبت له الأمور- اجتمع أصحابه لوداعه، وقالوا: قد تواترت الكتب بأن القوم عاملون على قتلك، فقال: والله، لا يصلون إلى ذلك أبدًا، قالوا: أفتحبس؟ قال: نعم، ويطول حبسي، ثم أخرج وأتكلّم بالسنة على رءوس الناس، سمعته يقول ذلك.

ولما تولى عدوه الملقب بالجاشنكير الملك أخبروه بذلك، وقالوا: الآن بلغ مراده منك، فسجد لله شكرا وأطال، فقيل له: ما سبب هذه السجدة؟! فقال: هذا بداية ذلِّه ومفارقة عزِّه من الآن، وقرب زوال أمره. فقيل: متى هذا؟ فقال: لا تربط خيول الجند على القرط حتى تغلب دولته. فوقع الأمر مثل ما أخبر به. سمعت ذلك منه .. وأخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل، ولم يعين أوقاتها، وقد رأيت بعضها وأنا أنتظر بقيتها.

وما شاهده كبار أصحابه من ذلك أضعاف أضعاف ما شاهدته. والله أعلم" (١).


(١) مدارج السالكين (٢/ ٤٥٨ - ٤٥٩).

<<  <   >  >>