للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى أَبْصَارِهِمْ وَفِي قُلُوبِهِمْ، وَذَكَرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْمَا الْفِتْنَةِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ السَّكُونِ (١): فَأَيْنَ أَسْيَافُنَا؟ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ أَحْضَرْتُهَا أَنْ تَعْوِرَ عَيْنَكَ وَتَكْسِرَ سِنَّكَ، فَحَضَرَ السَّكُونِيُّ يَوْمَ صِفِّينَ، فَتَعَوَّرَتْ عَيْنُهُ وَكُسِرَتْ سِنُّهُ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَاحِدَةٌ كَانَتْ تَكْفِينِي.

وَقَوْلُ عُمَرَ -رضي الله عنه- فِي غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ (٢): نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ؛ تَفَرَّسَ فِيهِ الْخَيْرَ" (٣).

ويقول ابن القيم في بيان فراسة شيخ الإسلام ونظرته المستقبلية التفاؤلية: "ولقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أمورًا عجيبة، وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم، ووقائع فراسته تستدعي سفرًا ضخمًا.

أخبر أصحابه بدخول التتار الشام سنة تسع وتسعين وستمائة، وأن جيوش المسلمين تكسر، وأن دمشق لا يكون بها قتل عامّ ولا سبي عامّ، وأن كَلَب الجيش وحدته في الأموال، وهذا قبل أن يهم التتار بالحركة.


(١) السَّكُون قبيلة من القبائل العربية وهي: بطن من بطون كندة، وَهُوَ السّكُون بن أَشْرَس بْن ثَوْر وَهُوَ كِنْدَة.
ينظر: الأنساب للسمعاني (٧/ ١٦٥) ت: عبد الرحمن المعلمي، مجلس دائرة المعارف العثمانية، ط ١، ١٣٨٢ هـ، اللباب في تهذيب الأنساب (٢/ ١٢٥) لابن الأثير، دار صادر بيروت.
(٢) غضيف بن الحارث بن زنيم السكوني الكندي، الشامي. مختلف في صحبته، والصحيح أن له صحبة، قال الذهبي: عداده في صغار الصحابة، وله رواية. كان عابدًا زاهدًا صالحًا، سكن الشام، توفي -رضي الله عنه- سنة (٨٠ هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٥٣)، البداية والنهاية (١٢/ ١٦١)، الإصابة (٥/ ٢٤٧).
(٣) كرامات الأولياء للالكائي من شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (٩/ ١٥٦). وهذا الأثر عن عمر -رضي الله عنه- أورده الإمام أحمد في المسند (٣٥/ ٢٢١) وفيه زيادة وهذا لفظه: عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ، فَلَقِيَهُ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: أَيْ أُخَيَّ اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ ضَرَبَ بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» قَالَ عَفَّانُ: عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ.

<<  <   >  >>