للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه، وجدّ في طلب العلم، وأدرك وهو في سن مبكرة حظًّا وافرًا من العلم، حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام.

وكتب أبوه إلى بعض إخوانه رسالة نوَّه فيها بشأنه وفهمه الجيّد، وأنه بلغ الاحتلام قبل إكمال اثنتي عشرة سنة من عمره، ورآه أهلًا للصلاة بالجماعة إمامًا لمعرفته بالأحكام، وزوَّجه بعد البلوغ مباشرةً، ثم طلب من أبيه الحجَّ إلى بيت الله الحرام، فأذن له فحجَّ وقصد المدينة وأقام فيها شَهرين، ثم رجع بعد ذلك إلى أبيه في العيينة، وأخذ يَدْرُسُ الفقه على مذهب الإمام أحمد على والده، ورزق مع قوة الحفظ سرعة الكتابة، بحيث إنه يخطّ كراسًا بخطّ واضح في الجلسة الواحدة، بلا سأم ولا تعب؛ مما يحير أصحابه.

وقرأ الشيخ في فنون العلم، وصار له فهم قويٌّ وهمَّة عالية في طلب العلم، فصار يناظر أباه وعمه (١) في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الإمام أحمد والوجوه عن الأصحاب (٢)، فتخرَّج عليهما في الفقه، وناظرهما في مسائل قرأها في الشرح الكبير والمغني والإنصاف، لما فيهما من مخالفة ما في متن المنتهى والإقناع.


(١) وهو إبراهيم بن سليمان بن علي بن مشرف التميمي النجدي وهو فقيه وقاض، توفي سنة (١١٤١ هـ).
ينظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١٢/ ٦)، وعلماء نجد خلال ثمانية قرون (١/ ٣٠٣).
(٢) الوجه: أن يستخرج أصحاب الإمام لمسألة ما حكمًا من مسألة مشابهة وفق قواعد إمام المذهب وأصوله.
ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (١٢/ ٢٥٦) للمرداوي، دار إحياء التراث العربي، ط ٢، مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز (٣٥٠) لمريم محمد صالح الظفيري، دار ابن حزم، ط ١، ١٤٢٢ هـ.

<<  <   >  >>