للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المباركفوري (١) رحمه الله: "أي: نسبة شرف العالم إلى شرف العابد كنسبة شرف الرسول إلى شرف أدنى الصحابة" (٢).

وعَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ (٣) رحمه الله قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، أَتَيْتُكَ مِنَ الْمَدِينَةِ، مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؛ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».

ومما يدل على أن الله يفتح لعبده ويوفقه لباب خير -وقل من يفتح له في أكثر من باب- ما ورد من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ: «مَنْ


(١) عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن بهادر الأنصاري المباركفوري. عالم مشارك في أنواع من العلوم. ولد في بلدة مباركفور من أعمال أعظم كره بالهند، ونشأ بها، وقرأ العلوم العربية والمنطق والفلسفة والهيئة والفقه وأصول الفقه، ويعد من أبرز علماء الهند في العصر الحديث، له العديد من المؤلفات باللغة العربية وبالأردية منها: السنن في مجلدين، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي وغير ذلك، توفي رحمه سنة (١٣٥٣ هـ).
ينظر: منهج المباركفوري في كتابه تحفة الأحوذي (٤٥) رسالة علمية من إعداد الطالب: عبد الله بن رفدان الشهراني، إشراف الدكتور: محمد سعيد البخاري، جامعة أم القرى ١٤١٨ هـ، معجم المؤلفين (٥/ ١٦٦).
(٢) تحفة الأحوذي (٧/ ٣٧٩).
(٣) كثير بن قيس الشامي، ويقال: قيس بن كثير الحمصي، والأكثر على أنه كثير بن قيس، روى عن أبي الدرداء في فضل العلم، وهو من التابعين، وعدُّه من الصحابة وهم.
ينظر: تاريخ دمشق (٥٠/ ٤٢) تهذيب التهذيب (٨/ ٤٢٦)، الإصابة (٥/ ٤٨٩).

<<  <   >  >>