للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ (١) مِنَ الأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ -يَعْنِي الجَنَّةَ-: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ، وَبَابِ الرَّيَّانِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه-: مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ: هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ» (٢).

يقول ابن المبارك رحمه الله عن الإمام مالك: "مَا رأيت أحدًا ارتفع مثل مالك، ليس له كثير صلاة ولا صيام، إلا أن تكون له سريرة.

قلت (٣): ما كان عليه من العلم ونشره أفضل من نوافل الصوم والصلاة لمن أراد به اللهَ" (٤).

وعلى هذا فعلى الداعية إلى الله تعالى أن يشكر ربه على توفيقه له لهذا العمل العظيم، وأن يبذل وسعه فيما فتح له، ويستعين بالله، ويبذل أسباب النجاح في هذا المجال، ومن أعظمها إخلاصه وصدقه مع ربه، وليعلم أنه قد لا يفتح له في باب آخر من أبواب الخير، فعليه ألا يشتت جهده في أبواب لم يفتح له فيها، ولا ينتقص الآخرين الذين فتح لهم في عمل غير عمله، وكذلك ينبغي الحذر من صرف الناس عن أبواب الخير التي فتحت لهم، بحجة أنها أعمال قاصرة غير متعدية النفع، ونحو ذلك من الأخطاء التي يقع فيها بعض الدعاة.

وذكر ابن عبد البر كلامًا متينًا رصينًا في شرحه لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- السابق،


(١) أي: شيئين من أصناف المال. ينظر: فتح الباري (٧/ ٢٨).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لو كنت متخذًا خليلًا» (٥/ ٦) ح (٣٦٦٦)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب من جمع الصدقة، وأعمال البر (٢/ ٧١١) ح (١٠٢٧).
(٣) القائل الإمام الذهبي رحمه الله.
(٤) سير أعلام النبلاء (٨/ ٩٧).

<<  <   >  >>