للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» (١).

والداعية الذي يتحلى بخلق الحلم يرزقه الله الحكمة ويعينه عليها؛ لأن من يضبط نفسه عند الغضب، فسيثمر له ذلك المواقف السليمة، والتصرف بحكمة في المواقف الصعبة.

الثاني: الأناة:

وهو خلق جميل بمعنى: التثبت وترك العجلة (٢) في الأمور المشكلة (٣)، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: ٩٤].

قال السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: "يأمر تعالى عباده المؤمنين إذا خرجوا جهادًا في سبيله وابتغاء مرضاته أن يتبينوا ويتثبتوا في جميع أمورهم المشتبهة.

فإن الأمور قسمان: واضحة وغير واضحة. فالواضحة البينة لا تحتاج إلى تثبت وتبين؛ لأن ذلك تحصيل حاصل.

وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف هل يقدم عليها أم لا؟


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب (٨/ ٢٨) ح (٦١١٤)، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب (٤/ ٢٠١٤) ح (٢٦٠٩).
(٢) ينظر: شرح النووي على مسلم (١/ ١٨٩).
(٣) تفسير السعدي (١٩٤).

<<  <   >  >>