للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صانعت (١) الله مالت الوجوه كلها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنأتك (٢) الوجوه كلها" (٣).

وقال ابن الجوزي رحمه الله: "وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه أو تأباه، وتذمه أو تمدحه وفق ما يتحقق بينه وبين الله تعالى، فإنه يكفيه كل هم، ويدفع عنه كل شر. وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق دون الحق (٤)، إلا انعكس مقصوده، وعاد حامده ذامًّا" (٥).

وقال أيضًا عليه رحمة الله: "والله، لقد رأيت من يكثر الصلاة والصوم والصمت، ويتخشع في نفسه ولباسه، والقلوب تنبو عنه، وقدره في النفوس ليس بذاك!

ورأيت من يلبس فاخر الثياب، وليس له كبير نفل، ولا تخشع، والقلوب تتهافت على محبته، فتدبرت السبب، فوجدته السريرة .. فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بنشر طيبه، فالله الله في السرائر، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر" (٦).

ودونك أمثلة تدل على أن القلوب يقبل بها الله على من شاء من عباده، ممن اتصف باللين والرحمة والرفق والصدق مع ربه، وحقق التقوى وحرص على سلامة قلبه من الأمراض:


(١) كلمة مصانعة حمالة أوجه تحمل معان لا تليق بالله تعالى، من مثل المداهنة، والرشوة.
ينظر: تهذيب اللغة (١١/ ٢٨١)، مقاييس اللغة (٣/ ٣١٣) مادة (صنع).
ومقصوده رحمه الله: التعامل مع الله والتعلق به، والبعد عن التعامل مع البشر والتعلق بهم، والله أعلم.
(٢) أي: أبغضتك.
ينظر: الصحاح (١/ ٥٧)، مقاييس اللغة (٣/ ٢١٧) مادة (شنأ).
(٣) حلية الأولياء (٣/ ٢٣٩)، سير أعلام النبلاء (٦/ ١٠٠).
(٤) أي: الله تعالى.
(٥) صيد الخاطر (٦٨).
(٦) صيد الخاطر (٢٢٠).

<<  <   >  >>