للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَطِعْ» (١).

وفي هذه الأحاديث الصبر على أئمة الجور وعدم الخروج عليهم؛ حتى لو ضربوا ظهرك وأخذوا مالك؛ لأن في الخروج عليهم تفريقًا لكلمة المسلمين، وفتحًا لأبواب التفرق والاختلاف وتسلط الأعداء، والله أعلم.

وقال ابن بطال رحمه الله في شرحه لحديث حذيفة -رضي الله عنه-: "وفيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك القيام على أئمة الجور، ألا ترى أنه -صلى الله عليه وسلم- وصف أئمة زمان الشر فقال: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»؟! فوصفهم بالجور والباطل والخلاف لسنته؛ لأنهم لا يكونون دُعاةً على أبواب جهنم إلا وهم على ضلال، ولم يقل فيهم: تعرف منهم وتنكر، كما قال في الأولين، وأمر مع ذلك بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ولم يأمر بتفريق كلمتهم وشق عصاهم" (٢).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» (٣).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا، فَمَاتَ عَلَيْهِ،


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر (٣/ ١٤٧٦) ح (١٨٤٧).
(٢) شرح صحيح البخارى لابن بطال (١٠/ ٣٣).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر (٣/ ١٤٧٦) ح (١٨٤٨).

<<  <   >  >>