للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطلب الدنيا بعلمه أقبح وأقبح، وكذلك من يطلبها بإظهار الزهد فيها، فإن ذلك خداع قبيح جدًّا" (١).

٢ - حرمانه من الحياة الطيبة في الدنيا، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في حديث أبي هريرة وكلام ابن رجب عليه الذي تقدم قريبًا.

وهذه الحياة الطيبة حرمها من تطلع إلى الشرف في الدنيا، كما أثر عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله قوله: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف" (٢).

ومن رزقه الله ذلك اشتغل به عن طلب الشرف الزائل والرياسة الفانية.

٣ - طلب الشرف في الدنيا يمنع الشرف في الآخرة، ولا يجتمع معه، والسعيد من آثر الباقي على الفاني؛ لحديث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى» (٣).

٤ - بروز ظاهرة التنازع والافتراق والاختلاف المذموم بين الدعاة بسبب تعلق القلب بحب الرياسات، ومن علامة ذلك أنه إذا لم يعط مكانة ومركزًا يجعل الناس


(١) مجموع رسائل ابن رجب (١/ ٧٩).
(٢) ينظر: حلية الاولياء (٧/ ٣٧٠).
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٣٢/ ٤٧٠) ح (١٩٦٩٧)، وابن حبان في صحيحه في باب الفقر والزهد والقناعة، ذكر الإخبار بأن الإمعان في الدنيا يضر في العقبى .. (٢/ ٤٨٦) ح (٧٠٩)، والحاكم في المستدرك في كتاب الرقاق (٤/ ٣٤٣) ح (٧٨٥٣) وصححه وأعله الذهبي بالانقطاع، وذكره الحاكم مرة أخرى في (٤/ ٣٥٤) ح (٧٨٩٧)، وصححه، ووافقه الذهبي هنا، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد في كتاب الزهد، باب فيمن أحب الدنيا (١٠/ ٢٤٩) ح (١٧٨٢٥): "رواه أحمد، والبزار، والطبراني، ورجالهم ثقات"، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ٢٦٦) ح (٣٢٤٧): "صحيح لغيره"، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد (٣٢/ ٤٧٠) ح (١٩٦٩٧): "حسن لغيره".

<<  <   >  >>