للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير رحمه الله: "أي: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر" (١).

قال السعدي رحمه الله: "فكل من كان بالله أعلم كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء من يخشاه، وهذا دليل على فضيلة العلم، فإنه داع إلى خشية الله، وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: ٨] " (٢).

ب) قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك: ١٢]. فأعد الله لمن يخشونه بالغيب -وبالأخص حينما لا يطلع عليهم أحد من الخلق- مغفرة وأجرًا كبيرًا.

قال السعدي رحمه الله: "أي: في جميع أحوالهم، حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا الله، فلا يقدمون على معاصيه، ولا يقصرون فيما أمر به. {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم، وإذا غفر الله ذنوبهم وقاهم شرها، ووقاهم عذاب الجحيم، ولهم أجر كبير وهو ما أعده لهم في الجنة من النعيم المقيم، والملك الكبير، واللذات المتواصلات، والمشتهيات، والقصور والمنازل العاليات، والحور الحسان، والخدم والولدان، وأعظم من ذلك وأكبر رضا الرحمن الذي يحله الله على أهل الجنان" (٣).


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٥٤٤).
(٢) تفسير السعدي (٦٨٩).
(٣) تفسير السعدي (٨٧٦).

<<  <   >  >>