للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله، وتهاونًا بحقوق الله وحقوق الخلق، واشتروا بذلك الكتمان ثمنًا قليلًا وهو ما يحصل لهم إن حصل من بعض الرياسات والأموال الحقيرة، من سفلتهم المتبعين أهواءهم، المقدمين شهواتهم على الحق، {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}؛ لأنه أخس العوض، والذي رغبوا عنه -وهو بيان الحق الذي فيه السعادة الأبدية والمصالح الدينية والدنيوية- أعظم المطالب وأجلها، فلم يختاروا الدنيء الخسيس ويتركوا العالي النفيس إلا لسوء حظهم وهوانهم، وكونهم لا يصلحون لغير ما خلقوا له" (١).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٢).

وفي لفظ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يَعْلَمُهُ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَجَّمًا بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» (٣).

قال الخطابي رحمه الله: "والمعنى: أن الملجم لسانه عن قول الحق والإخبار عن العلم والإظهار له يعاقب في الآخرة بلجام من نار.

وخرج هذا على معنى مشاكلة العقوبة الذنب كقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥] ".


(١) تفسير السعدي (١٦٠).
(٢) أخرجه أحمد (١٣/ ٣٢٥) ح (٧٩٤٣)، وأبو داود واللفظ له في كتاب العلم، باب كراهية منع العلم (٣/ ٣٢١) ح (٣٦٥٨)، والترمذي في أبواب العلم، باب ما جاء في كتمان العلم (٥/ ٢٩) ح (٢٦٤٩) وقال: "حديث حسن"، وابن ماجه في كتاب الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب من سئل عن علم فكتمه (١/ ٩٨) ح (٢٦٦)، والحاكم في المستدرك في كتاب العلم (١/ ١٨١) ح (٣٤٤) وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١٦٠) ح (١٢٠)، وصححه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد (١٣/ ٣٢٥) ح (٧٩٤٣).
(٣) وهو عند أحمد أخرجه في المسند (١٦/ ٣٥١) ح (١٠٥٩٧)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند (١٦/ ٣٥١) ح (١٠٥٩٧): "حديث صحيح".

<<  <   >  >>