للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة: ٧٨]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: ٥].

د) قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: ٢٣].

فيتأثر من يخشون الله عند تلاوة القرآن الكريم أو سماعه، بقشعريرة الجلود، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله.

وهذه صفة أصحاب القلوب التي تخشى الله، فإذا تلوا كتاب الله أو سمعوا آياته أصابهم من خشيتهم لله ما تقشعر منه الجلود وتضطرب من الخوف من الله عند آيات الوعيد والتذكير بعظمة الله، فيخشع القلب وتدمع العين، ثم تلين وتسكن وترق عند آيات الرحمة، وكما قال تعالى عنهم عند سماع آيات القرآن الكريم: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: ٨٣] (١).

وعن قتادة رحمه الله عند تفسيره لقول الله تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قال: "هذا نعت أولياء الله، نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم، وتبكي أعينهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم، إنما هذا في أهل البدع، وهذا من الشيطان (٢) " (٣).


(١) ينظر: تفسير القرطبي (١٢/ ٥٩ - ٦٠).
(٢) وهو يقصد بهذا ما حصل بعد جيل الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- من الغشي والصعق عند سماع آيات الوعد والوعيد.
(٣) تفسير البغوي (٧/ ١١٦)، تفسير ابن كثير (٧/ ٩٥).

<<  <   >  >>