للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ: الْعُجْبَ» (١).

وعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ -وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ- «إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ، حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ النَّاسُ، وَتُعْجِبَهُمْ نُفُوسُهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ» (٢).

ودلت هذه النصوص على أن العجب محرم ومن كبائر الذنوب، بل عده شيخ الإسلام رحمه الله من الشرك، فقال: "وكثيرًا ما يقرن الناس بين الرياء والعجب، فالرياء من باب الإشراك بالخلق، والعجب من باب الإشراك بالنفس، وهذا حال المستكبر، فالمرائي لا يحقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، والمعجب لا يحقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فمن حقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} خرج عن الرياء، ومن حقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} خرج عن الإعجاب" (٣).

مما يدل على خطر العجب على الأمة، وأثره العظيم في حصول الهزيمة، ما ذكره الله في تعقيبه على غزوة حنين وهو يربي الأمة على الحذر من هذه المسالك، حينما حصل هزيمة في أول المعركة بسبب العجب بالكثرة وتعلق القلب بها، فقال سبحانه: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ


(١) أخرجه البزار في مسنده (١٣/ ٣٢٦) ح (٦٩٣٦)، والبيهقي في شعب الإيمان (٩/ ٣٩٩) ح (٦٨٦٨)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد في كتاب الزهد، باب ما جاء في العجب (١٠/ ٢٦٩) ح (١٧٩٤٨): "رواه البزار، وإسناده جيد"، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٢/ ٩٣٨) ح (٥٣٠٣).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢٠/ ٢٤٣ - ٢٤٤) ح (١٢٨٨٦)، وأبو يعلى (٧/ ١١٦) ح (٤٠٦٦)، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها (٤/ ٥١٩) ح (١٨٩٥): "وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم"، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد (٢٠/ ٢٤٤) ح (١٢٨٨٦): "إسناده صحيح على شرط الشيخين"، وقال محقق مسند أبي يعلى (٧/ ١١٦) ح (٤٠٦٦): "إسناده صحيح".
(٣) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٧٧).

<<  <   >  >>