للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥]، وكان من أسباب الخلل والهزيمة العجب الذي أدى إلى ركون القلب إلى الكثرة والاعتداد بها بأنهم لن يهزموا، وغفلوا عن أن النصر من الله، وليس بالكثرة ولا بالقوة المادية، فأصابهم الخذلان، ولم تغن عنهم الكثرة شيئًا، فحصلت الهزيمة والفرار في أول المعركة من هؤلاء، وثبّت الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين معه، ونصرهم في نهاية المعركة، حيث قال -سبحانه وتعالى-: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: ٢٦].

ومن أقوال السلف في التحذير منه:

- قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "الإعجاب ضد الصواب، وآفة الألباب" (١).

- وعن كعب -رضي الله عنه- أنه قال لرجل رآه يتبع الأحاديث: "اتق الله، وارض بالدون من المجلس، ولا تؤذ أحدًا، فإنه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العجب ما زادك الله به إلا سفالًا ونقصانًا" (٢).

- وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: "علامة الجهل ثلاث: العجب، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه" (٣).

- وعن مسروق (٤) رحمه الله قال: "كفى بالمرء علمًا أن يخشى الله، وكفى بالمرء


(١) أدب الدين والدنيا (٢٣٧) للماوردي، دار مكتبة الحياة، تاريخ النشر: ١٩٨٦ م.
(٢) حلية الأولياء (٥/ ٣٧٦).
(٣) جامع بيان العلم وفضله (١/ ٥٦٩).
(٤) الإمام، القدوة، العلم، مسروق بن الأجدع بن مالك الوادعي الهمداني أبو عائشة الوادعي، الهمداني، الكوفي. من كبار التابعين الثقات، توفي رحمه الله سنة (٦٣ هـ).
ينظر: تاريخ بغداد (١٥/ ٣١١)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٦٣)، الأعلام (٧/ ٢١٥).

<<  <   >  >>