للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ» (١).

وفي الرواية الأخرى: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ»، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ، فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا، فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا (٢).

وقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤]».

وذكر ابن جرير رحمه الله في تفسيره عن الحسن البصري رحمه الله قوله في بيان خطر تتابع الذنب على القلب مع عدم التوبة عند قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤] قال: "الذنب على الذنب حتى يعمى القلب،


(١) أخرجه أحمد في المسند (٣٧/ ٤٦٧) ح (٢٢٨٠٨)، وقال في مجمع الزوائد في كتاب التوبة، باب فيما يحتقر من الذنوب (١٠/ ١٩٠) ح (١٧٤٦٢): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح"، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ٧٤٤) ح (٣٨٩)، وقال محقق المسند: (٣٧/ ٤٦٦) ح (٢٢٨٠٨): "إسناده صحيح".
(٢) عند أحمد في مسنده (٦/ ٣٦٧) ح (٣٨١٨)، وجوَّد إسنادها العراقي في تخريج كتاب الإحياء (١٩٠٩) وقال في مجمع الزوائد في كتاب التوبة، باب فيما يحتقر من الذنوب (١٠/ ١٨٩): "رواه أحمد، والطبراني في الأوسط، ورجالهما رجال الصحيح غير عمران بن داود القطان، وقد وثق"، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٦٤٣) ح (٢٤٧٠): "صحيح لغيره"، وقال محقق المسند (٦/ ٣٦٨) ح (٣٨١٨): "حديث حسن لغيره".

<<  <   >  >>