للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيموت" (١).

وتأمل معي هذا الحديث الذي يظهر خطر ذنوب السرائر حين يخلو الإنسان بربه، ولا يراه أحد من البشر ممن كان لا يفعل تلك الأمور أمامهم حياء منهم أو خوفًا من عقوبتهم، أو رغبة في البقاء معهم من أجل الاستفادة من الميزات التي يحصل عليها ببقائه معهم، فعن ثوبان -رضي الله عنه-، عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عز وجل- هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا؛ أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا».

وفي هذا الحديث بيان أن من أعظم أسباب سوء الخاتمة والخذلان وخسارة الحسنات في الآخرة الاعتداء على محارم الله في حال خلوة الإنسان عن الناس، وبعده عن نظرهم، وربما كان يظهر أعمالًا صالحة من قيام ليل ونحوه، ويجلس مع الصالحين، لكنها لا تنفعه، لتجرئه على محارم في حال خلوته.

٧ - الافتراق والتنازع في الدين، وهو من الأسباب العظيمة للخذلان، قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦].


(١) تفسير الطبري (٢٤/ ٢٠١).

<<  <   >  >>