للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٦٤].

يقول الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} التي يتمتع منها هؤلاء المشركون {إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ} يقول: إلا تعليل النفوس بما تلتذ به، ثم هو منقض عن قريب، لا بقاء له ولا دوام، {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} يقول: وإن الدار الآخرة لفيها الحياة الدائمة التي لا زوال لها، ولا انقطاع، ولا موت معها" (١).

والآيات في هذا المعنى كثيرة في كتاب الله تعالى، وقد سبق الكلام في ذلك (٢).

ومن السنة قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ» (٣).

قال النووي رحمه الله: "ومعنى «الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ» يحتمل أن المراد به شيئان:

أحدهما: حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها، كالفاكهة الخضراء الحلوة، فإن النفوس تطلبها طلبًا حثيثًا، فكذا الدنيا.

والثاني: سرعة فنائها كالشيء الأخضر في هذين الوصفين.

ومعنى «مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا»: جاعلكم خلفاء من القرون الذين قبلكم، فينظر هل تعملون بطاعته، أم بمعصيته وشهواتكم" (٤).


(١) تفسير الطبري (١٨/ ٤٤٠).
(٢) ينظر: ص (٣٩٤).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء (٤/ ٢٠٩٨) ح (٢٧٤٢).
(٤) شرح النووي على مسلم (١٧/ ٥٥).

<<  <   >  >>