للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يقال عنهم، أو على الأقل اهتزت صورتهم في أعين المدعوين؛ لأنهم رأوا بأعينهم من مظاهر الخلل الواضحة عند هؤلاء الدعاة في أقوالهم وأفعالهم، وهذا ما مكّن لأعدائهم ما يسعون له من التشويه وتنفير الناس عنهم.

ومن ثَمَّ تسلطت عليهم شياطين الإنس والجن، فبثوا الرعب في قلوبهم وقلوب أتباعهم، حتى انصرفوا عن الدعوة بسبب تخويف الشيطان لهم بأوليائه، كما قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥]. قال ابن كثير رحمه الله: "أي: يخوفكم أولياءه، ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة" (١).

وإنما يؤتى الدعاة من قبل أنفسهم بسبب الخلل الذي في قلوبهم الذي يعلمه الله من ضعف الإيمان والتعلق بالحياة الدنيا، كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} [آل عمران: ١٥٥].

وقال تعالى عما حصل من خلل في غزوة أحد بسبب تعلق القلوب بالدنيا: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: ١٥٢].

وفي غزوة حنين حينما اغترت بعض القلوب بالكثرة، وحصل العجب في القلوب، وضعف تعلق القلب بالله في النصر، حصلت الهزيمة في أول المعركة؛ ليربي الأمة ويعطيها درسًا تنتفع به في كل زمان، فقال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ١٧٢).

<<  <   >  >>