للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥].

فعدم الإيمان أو ضعفه أو تعلق القلب بالدنيا، أو حصول الأمراض في القلب من عجب أو رياء أو تعلق بغير الله وغيرها من أسباب الخلل مما يؤدي إلى تسلط العدو على الدعاة وبث الدعاية ضدهم، لكن إذا قوي إيمان الداعية وتعلق قلبه بالله وتدرع بالصبر والتقوى، حينها يقوى خوفه من الله، ويخرج الله من قلبه الخوف من أولياء الشيطان، ولم يتمكنوا من صده عن الدعوة، ولا يمكنّهم الله من تشويه سمعته بما قذف في قلوب عباده من حبه، بل يفشل الله خططهم، ويجعل مكرهم يحيق بهم، كما نصت على ذلك الآيات حيث بين -سبحانه وتعالى- أن التقوى والصبر يدفعان كيد العدو، فلا يضر الداعية ولا يسري مفعوله في قلبه، فقال تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: ١٢٠].

قال السعدي رحمه الله في تعليقه على الآية: "فإذا أتيتم بالأسباب التي وعد الله عليها النصر -وهي الصبر والتقوى- لم يضركم مكرهم، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم؛ لأنه محيط بهم علمه وقدرته، فلا منفذ لهم عن ذلك، ولا يخفى [عليهم] (١) منهم شيء" (٢).

وقد أخبر تعالى عن حال من يفسدون في الأرض ولا يصلحون، إذا واجهوا أهل الحق الأقوياء بإيمانهم وتمسكهم بالحق الذي معهم، كيف أن الله يدافع عن أهل الحق ويحطم مكر عدوهم ويدمره، فقال تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (٤٨) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ


(١) هكذا في الأصل، ولا يستقيم المعنى بذلك، فالصحيح: (عليه).
(٢) تفسير السعدي (١٤٥).

<<  <   >  >>