للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر ابن القيم رحمه الله في بيان المقصود بقوله تعالى: {بِذِكْرِ اللَّهِ} قولين:

"أحدهما: أنه ذكر العبد ربه، فإنه يطمئن إليه قلبه ويسكن، فإذا اضطرب القلب وقلق فليس له ما يطمئن به سوى ذكر الله …

والقول الثاني: أن ذكر الله هاهنا القرآن، وهو ذكره الذي أنزله على رسوله، به طمأنينة قلوب المؤمنين، فإن القلب لا يطمئن إلا بالإيمان واليقين، ولا سبيل إلى حصول الإيمان واليقين إلا من القرآن، فإن سكون القلب وطمأنينته من يقينه، واضطرابه وقلقه من شكه، والقرآن هو المحصل لليقين، الدافع للشكوك والظنون والأوهام، فلا تطمئن قلوب المؤمنين إلا به. وهذا القول هو المختار" (١).

ولا شك أن أعظم ما يطمئن به القلب القرآن العظيم، ثم يليه ما ورد في السنة من أذكار.

٣ - تثبيت الله للقلوب المؤمنة على الحق عند الشدائد، قال تعالى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} [الكهف: ١٤]، وفي الآية بيان لأثر تثبيت الله لقلوب أصحاب الكهف على الحق، حيث ربط الله -سبحانه وتعالى- على قلوبهم، بمعنى: ثبتهم وصبرهم، وجعل قلوبهم مطمئنة في تلك الحال المزعجة، وهذا منّة منه -سبحانه وتعالى- ولطف بهم ورحمة، حيث ثبتهم وصبرهم على فراق قومهم، ومفارقة ما كانوا فيه من رغد العيش وكثرة النعم (٢)، وهكذا تكون القلوب إذا اتصلت بالله وقربت منه، يذيقها الله في الدنيا جنة


(١) مدارج السالكين (٢/ ٤٨٠) لابن القيم، ت: محمد المعتصم بالله البغدادي، دار الكتاب العربي بيروت، ط ٣، ١٤١٦ هـ.
(٢) ينظر: تفسير ابن كثير (٥/ ١٤٠)، تفسير السعدي (٤٧١).

<<  <   >  >>