للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلله تعالى في الزاني حكمان، أحدهما: تحريم ذلك عليه. والثاني: جعل زناه سببًا لوجوب إِقامة الحد عليه. وبهذا عرف أن الاقتضاء والتخيير غير متعلقين بهذه الأمور الوضعية، بل بما هي متعلقة به (١)، فَنَصْبُ الشيء سببًا وشرطًا ومانعًا غيرُ كونِ السببِ والمشروطِ مطلوبًا أو ممنوعًا منه أو مخيرًا فيه، فالاقتضاء والتخيير غير متوجهَين إِلى السبب والشرط وأمثالهما.

ومما يبين الفرق بينهما: أن خطاب التكليف لا بد فيه من علم المكلف وقدرته وشعوره به. وأما خطاب الوضع، فمنه: ما هو كذلك، كعقد النكاح والبيع وتعاطي الزنى ونحوه. ومنه: ما لا يشترط فيه ذلك (٢)، كما إِذا مات قريب الإِنسان وهو لا يشعر فإِن التركة تدخل في ملكه، وإِن كان فيها من يعتق عليه [عتق] (٣)، وكذا يجب الضمان بإِتلاف النائم والمجنون والمغمى عليه في أقوالهم وإِن لم يكن ذلك بقصدهم ولا معلومًا لهم، بل ولا بتعاطيه (٤) كإِيجاب الدية على العاقلة.

إِذا تقرر انقسام الحكم الشرعي إِلى هذين القسمين فلنشر إِلى أنواع كل منهما علي وجه الاختصار.

* * *


(١) معنى الكلام المتقدم: أن الاقتضاء والتخيير متعلقان بما تعلقت به الأمور الوضعية، فمثلًا: الطهارة باعتبارها شرطًا هي أمر وضعي، وهي متعلقة بالصلاة، والوجوب من أنواع الاقتضاء، وهو متعلق بالصلاة أيضًا.
(٢) ممن ذكر هذا القرافي، وذلك في تنقيح الفصول وشرحه (٧٨ - ٨٠).
(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يظهر المعنى المقصود، وقد ذكره العلائي في المجموع المذهب: ورقة (١٢/ أ).
(٤) لعل معنى ذلك: أنه قد يجب الضمان -أيضًا- بسبب الإِتلاف، وإِن لم يكن الإِتلاف من فعل الضامنين، كإِيجاب الدية على العاقلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>