للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[اجتماع المفاسد مع تساويها]]

أما إِذا تساوت رتب المفاسد من كل وجه، فقد يتخير بينها في بعض الصور، وقد يتوقف إِذا لم يمكن دفع جميعها:

فمن مسائل التخيير: ما إِذا أكره على إِتلاف درهم من درهمين، إِما لرجل أو لرجلين، فإِنه يتخير.

وكذا: إِذا وجد المضطر حَرْبيَّين متساويَين (١)، واحترزنا بالمتساويَين عما إذا كان أحدُهما قريبَه، فإِنه يقدم الأجنبي.

ومن أمثله ما يتوقف فيه: ما إِذا وقع رجل على أطفال مسلمين، إِن أقام على أحدهم قتله، وإن انتقل إلى آخر قتله (٢)، قال بعض العلماء: "ليس في هذه المسألة حكم شرعي، وهي باقية على الأصل في انتفاء الشرائع قبل ورودها، فإِن الشريعة لم تجئ في التخيير بين هاتين المفسدتين" (٣).

ومن أمثلة ذلك ما إِذا اغتلم البحر (٤) بحيث علم ركاب السفينة أنهم لا يخلصون إِلا بتغريق شطرهم لتخفف السفينة، فإنه لا يجوز إلقاء أحد منهم بقرعة ولا بغيرها؛ لأنهم مستوون في العصمة، وإن أدى ذلك إلى إِهلاك الجميع. ولو كان معهم مال وحيوان محترم، وجب اِلقاء المال ثم الحيوان، دفعًا لمفسدة تلاف (٥) الآدميين.


(١) فإِنه يتخير في الأكل من أيهما شاء.
(٢) ذكر إمام الحرمين مسألة قريبة من هذه المسألة، وقال فيها نحو القول التالي، وذلك في البرهان (١/ ٣٠٢).
(٣) ذكر ذلك الشيخ عز الدين في قواعد الأحكام (١/ ٨٢).
(٤) أي: هاج واضطربت أمواجه. انظر: لسان العرب (١٢/ ٤٣٩).
(٥) هكذا في المخطوطة. وفي المجموع المذهب: ورقة (٤٧/ ب): - "تلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>