للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رخص الإِكراه]

وأما الإِكراه: فقد نص القرآن العزيز على جواز التلفظ بكلمة الكفر عند الإِكراه، والقلب مطمئن بالإيمان (١). وإذا أكره الصائم على الأكل والشرب أو فعل ما ينافي الصوم ففي (٢) بطلانه وجهان: الأصح، أنه لا يبطل عند النووي. والأصح عند الرافعي: البطلان (٣). وحكوا فيمن أكره حتى تكلم في الصلاة قولين، أصحهما: أن صلاته تبطل؛ لأنه عذر نادر، كما لو أُكره على الصلاة بلا طهارة، وعلى الصلاة إلى غير القبلة، وكذا لو أكثره على فعل ما يناقض الصلاة كالمشي والأكل (٤).

واعلم أنه لا يختص الإِكراه بالعبادات، بل يجري أيضًا في العقود والإيقاعات (٥) وغيرها، كما يأتي في موضعه (٦).


(١) فقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)} الآية رقم (١٠٦) من سوة النحل.
(٢) وردت في المخطوطة هكذا (في) بدون الفاء الأولى، والصواب ما أثبته.
(٣) قال النووي: - "وإن أكره حتى أكل: أفطر في الأظهر (قلت)، ظهر لا يفطر والله أعلم" منهاج الطالبين (٣٦). أقول: وما قبل كلمة (قلت) هو رأى الرافعي في المحرر، وما بعدها إِلى قوله والله أعلم هو رأى النووي، وذلك بناء على اصطلاح النووي الذى ذكره في مقدمة منهاج الطالبين.
أما نص كلام الرافعي فهو: "وإن أكره حتى أكل بنفسه فالذى رجح من القولين أنه يفطر" المحرر: ورقة (٤٣/ أ).
(٤) قال العلائي: - "والذي لا تبطل معه الصلاة الأعذار العامة، وتكون فائدة الإِكراه هنا سقوط الإثم عنه". المجموع المذهب: ورقة (٣٨/ ب).
(٥) الإيقاعات: يظهر أن المراد بها كل تصرف يستقل به الشخص بنفسه، كالطلاق والإعتاق والإِبراء.
(٦) قد أفرد المؤلف الإِكراه وما يتعلق به من أحكام ببحث مستقل في الأوراق من ورقة رقم (٦٦/ ب) إِلى ورقة رقم (٦٩/ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>