للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[اجتماع المصالح والمفاسد]]

ولو اجتمعت المصالح والمفاسد؛ فإِن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد تعين ذلك. وإن لم يمكن الجمع فهنا مجال النظر، وهو ثلاثة أنواع:

[الأول: غلبة المفسدة على المصلحة]

فيقدم درء المفسدة ولا مبالاة بفوات المصلحة (١)، بدليل قوله تعالى: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (٢) فحرمهما الله تعالى حين غلبت مفسدتهما على ما فيهما من المنافع: ومسائل هذا النوع كثيرة (٣).

النوع الثاني: أن تكون المصلحة أعظم من المفسدة (٤):

وأمثلته كثيرة جدًا (٥): منها: الصلاة مع اختلال أحد شروطها من طهارة وغيرها، ففيه مفسدة، لما فيه من الإخلال بجلال الله تعالى في أنه لا يناجى إِلا على أكمل


(١) وكلام المؤلف هذا يشير إِلى قاعد، وهي: - "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح". وهي قاعدة مهمة، وقد ذكرها السيوطي في الأشباه والنظائر (٨٧).
(٢) من الآية رقم (٢١٩) من سورة البقرة، وأول الآية: - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}.
(٣) مثل الشيخ عز الدين بن عبد السلام لهذا النوع بقوله: - "وأما ما رجحت مفسدته على مصلحته فكقطع اليد المتآكلة حفظًا للروح إِذا كان الغالب السلامة بقطعها" قواعد الأحكام (١/ ١٠٤).
أقول: يمكن أن يمثل لهذا النوع بكثير من المحرمات المشتملة على مفاسد ومصالح، ولكن مفاسدها أرجح وأكثر وأكبر من مصالحها. مثل الزنى، والربا، وشرب الخمر، والسرقة، والغصب، وشهادة الزور، ونحو ذلك.
(٤) ذكر العلائي طريقة العمل في هذا النوع بقوله: - "فنحصل المصلحة ولا نبالي بالتزام تلك المفسدة". المجموع المذهب: ورقة (٤٨ / ب).
(٥) وقد ذكر الشيخ عز الدين بن عبد السلام لهذا النوع أمثلة تزيد على ستين مثالًا، فانظر ذلك في: قواعد الأحكام (١/ ٨٤) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>