للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاعدة (١)

أصل وضع الصفة أن تجيء للتخصيص أو للتوضيح (٢)، مثل مررت برجل عاقل، وبزيد العالم. ويعبر عنهما أيضًا: بالشرط والتعريف (٣) ويقع الخلاف بحسب هذين.

فمن ذلك: قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} (٤). فهذه الجملة وهي {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} صفة ثابتة لـ (عبدًا)، فإِن حملت على التوضيح كان فيه متمسك للجديد: أن العبد لا يملك، وإن مَلَكُهُ سيده أو غيره، أى هذا شان العبد. وإن جعلت للتخصيص كان فيه متمسك للقديم من أنه يملك؛ لأن سياق الآية يقتضي تخصيص هذا العبد بهذه الصفة، فيقتضي مفهومها أنه يملك شيئًا (٥).


(١) ذكر هذه القاعدة العلائي في المجموع المهذب: ورقة (٧٢/ ب)، وتاج الدين السبكي في الإبهاج (١/ ٣٧٨)، والزركشي في المنثور (٢/ ٣١٣).
(٢) قال تاج الدين السبكي: - "ويكثر مجيؤها للتخصيص في النكرات وللتوضيح في المعارف" الإبهاج (١/ ٣٧٨).
(٣) أي يعبّر عن التخصيص بالشرط، ويعبّر عن التوضيح بالتعريف، ذكر ذلك التاج السبكي. وقد عبَّر عن التخصيص بالشرط؛ لأن تخصيص الموصوف بالصفة بمنزلة اشتراطها فيه، وسيتضح الفرق بين معنى التخصيص والتوضيح من الأمثلة التي سيوردها المؤلف.
(٤) من الآية رقم (٧٥) من سورة النحل.
(٥) ورد مقابل هذا الموضع من المخطوطة على جانبها ما نصه: - "ومنه قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}.
أقول: وأول الآية هو قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} سورة البقرة، آية رقم (٢٨٣). وتنزيل هذه الآية على القاعدة يكون كالتالي: إِن اعتبرنا الصفة وهي مقبوضة للتوضيح فلا يلزم الرهن إِلا بالقبض، وإن اعتبرناها للتخصيص فيلزم الرهن بدون القبض، ولكن لابد من قبض الرهن في الدين الذي يكون في السفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>