للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[حكم من تعاطى فعل شيء حلال له، وهو يعتقد عدم حله، والعكس]]

ومما تدخل فيه النية: ما إِذا تعاطى فعل شيء حلال له، وهو يعتقد عدم حله، كمن وطئ امرأة يعتقد أنها أجنبية وأنه زان بها، وهي زوجته أو أمته. أو قتل من يعتقد عصمته فبان أنه مستحق لدمه. أو أتلف مالًا يظنه لغيره فكان ملكه. قال ابن عبد السلام (١): "يجرى عليه حكم الفسق؛ لجرأته (٢) على الله تعالى (٣) لأن العدالة إِنما شرطت في الشهادات والولايات لتحصل الثقة بصدقه وأداء الأمانة، وقد انخرمت الثقة بذلك. وأما الآخرة فلا يعذب تعذيب زان ولا قاتل ولا حمل مالا حرامًا؛ لأن عذاب الآخرة مرتب على رتب المفاسد في الغالب، كما أن ثوابها مرتب على رتب المصالح في الغالب؛ والظاهر أنه لا يعذب تعذيب من ارتكب صغيرة، لأجل جرأته وانتهاكه الحرمة، بل عذابًا متوسطًا بين الصغيرة والكبيرة".

قلت: وعكس هذا: من وطئ أجنبية بشبهة يظنها زوجته لا يترتب عليه شيء من العقوبات المترتبة على الزاني: اعتبارا بنيته (٤): وقد رُوِيَ أنه عليه الصلاة والسلام قال: -


(١) انظر نص قول ابن عبد السلام التالي في: قواعد الأحكام (٢٢١١).
(٢) وردت هذه الكلمة في النسختين هكذا (لجرته)، والصواب ما أثبته، وهو المرافق لما في: قواعد الأحكام.
(٣) هناك قسم من قول ابن عبد السلام له علاقة بالكلام التالي ولم يذكره المؤلف، ونصه: - "وتسقط عدالته لجرأته على رب العالمين، وترد شهادته وروايته، وتبطل بذلك كل ولاية تشترط فيها العدالة؛ لأن العدالة إِنما شرطت. . إلخ". قواعد الأحكام (٢٢١١).
(٤) ذكر ابن عبد السلام مماثلات لما ذكره المؤلف هنا تحت فصل عنون له بقوله: "فصل في إِتيان المفاسد ظنًا أنها من المصالح". انظر: قواعد الأحكام (١/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>