للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتصرفون فيها بالبيع وغيره، وتقرهم الأئمة في كل عصر على ذلك. وبقي ذلك عرفًا مستمرًا، كأنه مأذون فيه لهم من جهة الإمام؛ لعدم الاعتراض عليهم مع عملهم به، فلا يتردد في جواز ذلك.

وأما بعد ما اتفق، من وقف الإمام ضيعة على أن يصرف ريعها في كسوة الكعبة، فلا يتردد في جواز ذلك؛ لأن الوقف بعد استقرار هذه العادة المعلومة، فَيُنَزّل (١) لفظ الواقف عليها، وهذا ظاهر لا يعارضه المنقول المتقدم؛ لتغيير الحال بعده. والله أعلم.

[فائدة مهمة]

صرح جماعة من الأصوليين: بأن التخصيص والتقييد إِنما يقع بالعادة القولية (٢)،


(١) الفاء التي في أول هذه الكلمة لم ترد في المخطوطة، وإِثباتها مناسب، وقد أخذتها من المجموع المذهب: ورقة (٥٨/ ب).
(٢) المقصود بالعادة القولية هنا: العرف القولي، وقد ذكر القرافي معنى العرف القولي بقوله: - " ... ... .. العرف القولي: أن تكون عادة أهل العرف يستعملون اللفظ في معنى معين، ولم يكن ذلك لغة، وذلك قسمان:
أحدهما: في المفردات، نحو الدابة للحمار والغائط للنجو والراوية للمزادة ونحو ذلك.
وثانيهما: في كتاب المركبات، وهو أدقها على الفهم، وأبعدها عن التفطن، وضابطها: أن يكون شأن الوضع [اللغوي] تركيب لفظ مع لفظ، [ثم] يشتهر في العرف تركيبه مع غيره. وله مثل؛ أحدها: نحو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} وكقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}. فإن التحريم والتحليل إِنما تحسن إِضافتهما لغة للافعال دون الأعيان، فذات الميتة لا يمكن العرفي أن يقول: هي حرام بما هي ذات، بل فعل يتعلق بها، وهو المناسب لها كالأكل للميتة والدم ولحم الخنزير، والشرب للخمر، والاستمتاع للأمهات ومن ذكر معهن" ثم أسهب في ذكر أمثلة أخرى لا داعي للإطالة بذكرها. الفروق (١/ ١٧١).
واعلم أن الكلمتين الموضوعتين بين معقوفات لم تردا في فروق القرافي، ولكني أثبتهما للحاجة إِليهما، وقد أخذتهما من: تهذيب الفروق المطبوع بهامش الفروق للقرافي (١/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>