للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: إِذا أكل الكلب المعلم (١) من الصيد، لم نحرم ما مضى؛ استصحابًا للحل الثابت قبل الأكل.

ومنها: أنه لا يُقضىَ على الناكل (٢) بمجرد نكوله؛ لأن الأصل براءة ذمة المدعى عليه، فلا يبطل ذلك بمجرد نكوله حتى يحلف المدعي.

ومنها: ادعى اثنان دارًا كل منهما يدعيها كلها، وهي في يد ثالث يدعيها، وأقاما بيِّنتين: تعارضتا وبقيت في يد الثالث؛ استصحابًا لليد وإن لم تقم بينة.

ومنها: إِذا اختلفا في قيمة المتلف، فالقول قول الغارم، سواء في ذلك المستعير والمستام والغاصب وغيرهم؛ لأن الأصل براءة ذمته مما زاد. ونحو هذا من الصور. وإذا خالف ذلك شيء فليس لإبطال هذا الأصل: بل إِما لمعارضة أصل آخر راجح، أو معارضة ظاهر رَجَح.

[(تعارض الأصلين)]

فمن تعارض الأصلين (٣): ما إِذا وقع في ماء نجاسة لم تغيره، وشكَّ هل هو قلتان


(١) ذكر النووى أنه يشترط لكون الكلب معلمًا أربعة أمور، فانظرها في: روضة الطالبين (٣/ ٢٤٩).
(٢) الناكل عن اليمين هو المتنع عن الحلف، انظر المصباح المنير (٢/ ٦٢٥).
(٣) ذكر طرفا من مسائل تعارض الأصلين ابن عبد السلام في قواعد الأحكام (٢/ ٤٧)، والعلائي في المجموع المذهب ورقة (٢٩/ ب)، والزركشي في كتابه المنثور في القواعد (١/ ٣٣٠) فما بعدها، والسيوطي في الأشباه والنظائر (٦٨) فما بعدها.
هذا وقد قال السيوطي: - "قال الإمام، وليس المراد بتعارض الأصلين تقابلهما على وزن واحد في الترجيح، فإِن هذا كلام متناقض، بل المراد التعارض، بحيث يتخيل الناظر في ابتداء نظره تساويهما، فإذا حقق فكره رجح. ثم تارة يجزم بأحد الأصلين، وتارة يجرى الخلاف ويرجح بما عضده من ظاهر أو غيره. قال ابن الرفعة: ولو كان في جهة أصل، وفى جهة أصلان جزم لذى الأصلين. ولم يجر الخلاف" الأشباه والنظائر (٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>