للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العادة بالإعراض عنه من الثمار الساقطة بالطرق من الأشجار المملوكة.

ومنها: الهدية إذا بعثها في ظرف لم ترد العادة برده، كقوصرة (١) التمر، فإِنه يكون هدية أيضًا، وتتبع العادة في الأكل منه، إن كان ذلك معتادًا، وإِلا فيلزم التفريغ. إلى غير ذلك من الصور الكثيرة، والعرفُ العادى فيها قائمٌ مقام اللفظ (٢).

[[تخصيص العام و] (تقييد المطلق بالعادة)]

ومن ذلك تخصيص العموم، وتقييد المطلق (٣)، وله صور:


= ابن عابدين على تعريف صاحب المستصفى وتعريف صاحب تيسير التحرير بقوله: - "فالعادة والعرف بمعنى واحد من حيث الماصدق وإن اختلفا من حيث المفهوم" رسائل ابن عابدين (٢/ ١١٢).
أقول: وما تقدم من تلمس لمعرفة الفرق بين العرف والعادة إنما هو بالنظر إلى تعاريفهما.
أما عند النظر إِلى استعمالات الفقهاء فلا تكاد تلمس فرقًا بينهما. والله أعلم.
(١) القوسرة: بتشديد الراء، وقد تخفف قال فيها الجوهرى: - "والقرصرة بالتشديد هذا الذي يكنز فيه التمر من البوارى" الصحاح (٢/ ٧٩٣). وقال صاحب المصباح "و (القوسرة) بالتثقيل والتخفيف وعاء التمر يتخذ من قصب". المصباح المنير (٢/ ٥٠٥).
(٢) ذكر هذه الصور أو أكثرها كل من الإمام عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام (٢/ ١١١) فما بعدها، والعلائي في المجموع المذهب: ورقة (٥٢/ أ) فما بعدها. والزركشي في المنثور في القواعد (٢/ ٣٥٦)، والسيوطي في الأشباه والنظائر (٩٠).
(٣) أي بالعادة، وقد ذكر ذلك وأمثلة عليه العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (٢/ ١٠٧) فما بعدها، والعلائي في المجموع المذهب: ورقة (٥٣/ ب).
هذا وسيبحث المؤلف هذه المسألة مرة أخرى، في آخر هذه القاعدة؛ ليبين أن العادة التي يخصص بها إنما هي القولية لا الفعلية.
هذا وقد ذكر الغزالي كلامًا حسنًا يفيد في بيان ما تخصصه عادة الناس، وما لا تخصصه فقال: - "وعلى الجملة فعادة الناس تؤثر في تعريف مرادهم من ألفاظهم، حتى إن المجالس على المائدة يطلب الماء يفهم منه العذب البارد؛ لكن لا تؤثر في تفيير خطاب الشارع إيَّاهم" المستصفى (٢/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>