للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الغزالي (١): "كان بعض المذكورين في زماننا يلتمس [مَنْ] (٢) يُلزِمُهُ مَكْرُمَةً مالية، فلم ينجح طلبه، وطال انتظاره، فقال متبرمًا منهم: طلقتكم ثلاثًا. وكانت زوجته فيهم وهو لا يدرى، فأفتى الإمام بوقوع الطلاق. وفي القلب منه شيء".

قال الرافعي (٣) بعد حكاية هذا (٤): "ولك أن تقول: ينبغي أن لا يقع الطلاق في هذه الصورة، وإن أوقعنا فيما إِذا خاطب بالطلاق زوجته وهو لا يدرى؛ لأن قوله: طلقتكم. لفظ عام، واللفظ العام يقبل الاستثناء باللفظ والنية، ألا ترى أنه لو حلف: لا يسلم على زيد، فسلم على قوم هو فيهم، واستنثاه بلفظه أو قلبه؛ لم يحنث. وإذا كان عنده أن امرأته ليست فيهم كان قصدُه من القوم غيرها، فيكون مُطلقًا لغيرها لا لها".

اعترض النووي (٥) [على هذا] (٦) "بأن (٧) في مسألة السلام علم كون زيد فيهم واستثناه بقلبه، وهنا لم يستثن امرأته، واللفظ شامل لها ولم يخرجها. وعلى الإمام (٨): بأن القائل (٩) لم يقصد بقوله: طلقتكم. معنى الطلاق القاطع للنكاح، وقد قالوا: لا بد من قصد لفظ الطلاق لمعنى الطلاق، ولا يكفى قصد لفظه من غيره قصد معناه.


(١) ذكر الرافعي: أن الغزالي قال ذلك في (البسيط).
(٢) ما بين المعقوفتين لا بوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام.
(٣) في: فتح العزيز ١٣: ورقة (١٥/ أ).
(٤) حكى الرافعي هذا في: ورقة (١٤/ ب). من الجزء المتقدم.
(٥) الاعتراض التالي اعترض به النووي على الرافعي. وانظر نص الاعتراض في: روضة الطالبين (٨/ ٥٥).
(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (١١١٤٢).
(٧) لو قال (أنه) لكان حسنًا.
(٨) الجار والمجرور معطوف على قول العلائي: على هذا.
(٩) ورد بدل هذه الكلمة في المخطوطة كلمة أخرى هي (الإمام). وما أثبته هو المناسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>