للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعتمد الأصحاب في أنه مكلف: أنّ الإمكان والتمكين إِذا حصلا صح التكليف، وهما حاصلان للمكره حالة الإكراه؛ لأن ما أكره عليه يمكن إِيقاعه، وهو قادر عليه. ويبنى على هذا: إِكراه المرتد والحربي على الإسلام (١)، فإِنه يعتد به منهما (٢) وإن كان من تحت السيف، وللإمام (٣) عليه إِشكال.

وقال الغزالي (٤): "الامتثال إِنما يكون طاعة: إِذا كان الانبعاث إِليه بباعث الأمر، والتكليف، دون باعث الإكراه. فإِن أقدم خوف سيف المكرِه لم يكن [مجيبًا] (٥) داعي الشرع. وإن انبعث بداعي الشرع، بحيث كان يفعله لولا (٦) الإكراه؛ لم يمتنع وقوعه طاعة (٧) وإن وجدت صورة الإكراه".

قلت (٨): وبقي قسم ثالث، وهو: أن يكون الباعث مجموع الأمرين. ونظر الفقية إِنما هو في الاعتداد بذلك ظاهرًا في ترتب الحكم الشرعي؛ لا في نفس الأمر، فإِن ذلك مبني على اطلاع الله تعالى علية من إِخلاص وعدمه، والله أعلم.


(١) نهاية الورقة رقم (٦٦).
(٢) ذكر ذلك النووي في روضة الطالبين (٨/ ٥٦).
(٣) ذكر العلائي: أنه إِمام الحرمين. ولعل الإشكال المقصود هو ما ذكره الإمام بقوله: - "وفيه غموض من جهة المعنى؛ لأن كلمتي الشهادة نازلتان في الإعراب عما في الضمير منزلة الإقرار، والظاهر من حال المحمول عليه بالسيف إِنه كاذب". فتح العزيز، ج ١٣ ورقة (١٦/ أ).
(٤) في: المستصفى (١/ ٩١).
(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وقد ذكره الغزالي والعلائي.
(٦) هكذا عبَّر الغزالي. ويظهر أنّ في التعبير ب (لولا) في هذا السياق نظرًا.
(٧) يوجد في المستصفى بعد هذه الكلمة جملة لم يذكرها المؤلف ولا العلائي، ونص هذه الجملة: "لكن لا يكون مكرها".
(٨) القائل في الأصل لذلك هو العلائي، في المجموع المذهب: ورقة (١٤٣ / ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>