للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاعتقاد، بل يستمر على عقد الإيمان. وهذا الاستمرار، هل هو باستحضار البقاء على الإِيمان حالة التلفظ بالكفر: أو يكتفي بالاستصحاب الحكمي؟

فيه وجهان ذكرهما الماوردى (١)، مأخوذان من قوله تعالى: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (٢). هل المراد الطمأنينة بالفعل المستحضر تلك الحال؟ أو بالقوة المستصحبة:

ثم الأصح: أنه يثبت ولا يجيب إِلى ذلك وإن قتل. وفيه وجهان آخران (٣)

أحدهما: يجب التلفظ دفعًا للهلاك، قال الإِمام: "وهو ضعيف جدًا".

والثاني: إِن كان يتوقع منه النكاية في العدو، أو القيام بأحكام الشرع، فالأفضل أن يتكلم بها، وإلا فالأفضل الامتناع.

وهنا صورة لم أر من تعرض لها (٤)، وهي (٥): أن يكون المكره ممن يقتدى العوامُ به في ذلك التلفظ، وكثير منهم لا يعرف التَّقِيَّة ويفتق بإِجابة هذا، فيجيب بقلبه. فالظاهر: أنه يحرم عليه في هذه الصورة الأِجابة؛ لما يترتب عليه من هذه المفاسد العظيمة. وتكون هذه الصورة مُخَصِّصَةً لعموم الآية بالمعنى.


(١) وذلك في الحاوي: كما قال العلائي في المجموع المذهب: ورقة (١٤٦ / أ).
(٢) من الآية رقم (١٠٦) من سورة النحل. ونص الآية كاملًا هو: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
(٣) الأوجه الثلاثة في هذه المسألة ذكرها النووي في الروضة (٩/ ١٤٢).
(٤) بل تعرض لها العلائي، وهو الذي عبّر بالعبارة المتقدمة. انظر: المجموع المذهب ورقة (١٤٦/ أ).
(٥) ورد الضمير في المخطوطة مذكرًا، والصواب ما أثبته، وهو الوارد في المجموع المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>