واستدل بهذا الحديث من قال بجواز الاستقبال والاستدبار، ورأى أنه ناسخ، واعتقد الإباحة مطلقًا، وبه احتج من خص عدم الجواز بالصحاري، ومن خص المنع بالاستقبال دون الاستدبار في الصحارى والبنيان، وقد عرفت ما فيه من أنها حكاية فعل لا عموم لها، فيحتمل أن يكون لعذر، وأن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة. انتهى "تحفة الأحوذي".
قال المؤلف: و (هذا) المذكور لفظ (حديث يزيد بن هارون)، وأما الأوزاعي .. فروى عن يحيى بن سعيد معنى هذا المذكور، لا لفظه، أتى بهذه الجملة؛ تورعًا من الكذب على الأوزاعي.
قال القرطبي: قول ابن عمر: (لقد ظهرت على ظهر بيتنا) هذا الظهور من ابن عمر الظاهر منه: أنه لم يكن عن قصد الاستكشاف، وإنما كان لحاجة غير ذلك، ويحتمل أن يكون ليطلع على كيفية جلوس النبي صلى الله عليه وسلم للحدث على تقدير أن يكون قد استشعر ذلك، وأنه تحفظ من أن يُطلّع على ما لا يجوز له، وفي هذا الثاني بُعد، وكونه صلى الله عليه وسلم على لبنتين يدل لمالك على قوله: إذا اجتمع المرحاض الملجئ والساتر .. جاز ذلك. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الوضوء، باب من تبرز على لبنتين، رقم (١٤٥)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الاستطابة (١٧)، رقم (٢٦٦)، وأبو داوود في كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك، رقم (١٢)، والترمذي (١١)، والنسائي (١/ ٢٣).
وقال الترمذي: وحديث ابن عمر هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب حديث عن جابر، قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول