(١) - (٨٦١) - (باب: لا يحلُّ دمُ امرئ مسلمٍ إلا في ثلاث)
والحدودُ جمعُ حد، وإنما جَمَعها؛ لاختلاف أنواعها، والحدُّ لغةً: المنع، سميت الحدود الشرعية بذلك؛ لمنعها من ارتكاب الفواحش، وذالك لأن من علم أنه إذا زنى .. حُد، امتنع من الزنا، وهكذا فقد منعه الحد من ارتكاب الزنا ونحوه، وقيل: لأن لها نهايات مضبوطةً، فتكون مأخوذةً من الحد بمعنى النهاية، وقيل: مأخوذة من حدَّ بمعنى قدَّر؛ لأن الشارع قدرها بما لا يزيد ولا ينقص.
وأما شرعًا: فهي عقوبة مقدرة وجبت على من ارتكب ما يوجبها.
فإن الشارع قدرها، فلا يزاد عليها ولا ينقص عنها.
وخرج بذلك التعزير؛ فإنه عقوبة غير مقدرة، بل موكولةٌ إلى رأي الإمام، وشرعت الحدود زواجر عن ارتكاب ما يوجبها من المعاصي، وقيل: جبرًا لذلك، والأول مبني على القول بأن الحدود زواجر، والثاني مبني على القول بأنها جوابر، والراجح أنها في حق الكافر زواجر، وفي حق المسلم جوابر، فإذا استوفيت في الدنيا .. فلا يعاقب على المعاصي التي اقتضتها في الآخرة؛ لأن الله عز وجل أكرمُ من أن يعاقب على الذنب مرتين. انتهى من "ب ج على الغَزِّيِّ".