به في رواية مسلم في خطبة يوم النحر بمنىً سنة عشر:(ويحكم) أي: ألزمكم الله الويح والرحمة؛ لأنكم أشرفتم على الهلاك، واستحق لكم الترحم (أو) قال صلى الله عليه وسلم بدل الويح: (ويلكم) أي: ألزمكم الله الويل والهلاك؛ لأنكم استحق لكم الهلاك، و (أو) للشك من الراوي، فهما مفعولان لفعل محذوف وجوبًا؛ تقديره: استوجبتم الويح والترحم لكم، أو ألزمكم الله الويل والهلاك لكم (لا ترجعوا) ولا ترتدوا (بعدي) أي: بعد وفاتي فتصيروا (كفارًا) أي: أَشْبَاهَ كفارِ غيركم، حالة كونكم (يضرب) ويقطع (بعضكم رقاب بعض) آخر وأعناقه، مستحلين المقاتلة بينكم.
[فائدة]
في الويح والويل، والويس والويب؛ وهما بمعنى: الويل.
والويح في الأصل: الدعاء بالرحمة، والويل: الدعاء بالهلاك؛ أريد بهما هنا الحث والتحريض على ملازمة الإيمان، والتمسك بشرائع الإسلام والتحذير عن الرجوع إلى الكفر والارتداد على الأعقاب لا حقيقة الرحمة والهلاك.
وانتصابهما: إما على المصدر بفعل ملاق لهما في المعنى دون اللفظ؛ لأنهما من المصادر التي لم تستعمل أفعالها، والتقدير: استوجبتم ويحكم وهلكتم هلاككم، وإما على المفعول؛ والتقدير: أوجب الله ويحكم، وألزم ويلكم.
وعلى كلا التقديرين: فالجملة في محل النصب مقول لـ (قال)، كذا أفاده الجمل على "الجلالين" وقد بسطنا الكلام على (الويل) في تفسيرنا "حدائق الروح والريحان"، فراجعه.