تعالى أوثق منك بما في يديك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت بها أرغب منك فيها لو لم تصبك)، وهذا من أجمع كلام في الزهد وأحسنه، وقد روي مرفوعًا.
والحاصل: أن حقيقة الزهد ليست منافية لأسباب الدنيا، وإنما حقيقته ألا تتعلق أسباب الدنيا بقلب الإنسان بما يلهيه عن ذكر الله تعالى وذكر الآخرة، وأن يكون الإنسان دائمًا يؤثر نعيم الآخرة على نعيم الدنيا.
ومن ها هنا: يفترق الزهد عن الرهبانية التي ابتدعها النصارى؛ فإن الرهبانية أن تترك أسباب الدنيا من رأسها، والزهد لا يقتضي ذلك، وإنما يقتضي أن يكون الإنسان في رغبته في الآخرة أكثر من رغبته في الدنيا، وألا تشغله أسباب الدنيا عن سعيه للآخرة، والله تعالى أعلم. كذا في "التكملة".
هذا آخر كتب هذا السُّنَن، وقد ختم به هذا السنن؛ تنبيهًا على أنَّ نَتِيجَةَ العلم هو الزهد في الدنيا، والرغبة فيما عند الله تعالى.
كما أن ابتداءه هذا السنن بكتاب السنة .. كان تنبيهًا على وجوب اتباع السنة، ووجوب الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله.
جزاه الله عنا أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
* * *
(٤) - (١٤٧٧) - (باب الزهد في الدنيا)
(١٩) - ٤٠٤٣ - (١)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير - مصغرًا - السلمي