وهي الخالية عن الإيجاب؛ كما هو عرف البيع في زماننا هذا الذي جعل فيه النظام والعادة شرعًا، والشرع أضحوكةً.
واستدل الشافعي على حرمة بيع المعاطاة بحديث النهي عن بيع الحصاة، وعن بيع الملامسة والمنابذة، وقال: إن هذه البيوع إنما فسدت؛ لكونها خاليةً من الإيجاب والقبول، ويقاس عليها بيع المعاطاة؛ لأنها خالية عن الإيجاب والقبول.
وقد رد عليه ابن قدامة في "المغني" بما فيه الكفاية، فلنحك عبارته بلفظه، قال ابن قدامة: المعاطاة: مثل أن يقول: أعطني بهذا الدينار خبزًا، فيعطيه ما يرضيه، أو قال: خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه.
قلت: جعله ابن قدامة من باب المعاطاة، وقال بعض الفقهاء: إنه ليس من باب المعاطاة، وإنما هو إيجاب لفظًا وقبول فعلًا، والمعاطاة إنما تكون فيما كان الإيجاب والقبول فيه فعلًا، والله أعلم.
قال: فهذا بيع صحيح، نص عليه أحمد فيمن قال لخباز: كيف تبيع الخبز؟ قال: كذا بدرهم، قال: زنه وتصدق به، فإذا وزنه .. فهو عليه، وقال مالك بنحو من هذا؛ فإنه قال: يقع البيع بما يعتقده الناس بيعًا، وقال بعض الحنفية: يصح بيع المعاطاة في الأشياء الخسيسة، وحكي عن القاضي مثل هذا، قال: يصح في الأشياء اليسيرة دون الكثيرة.
قلت: والصحيح المفتى به عند الحنفية: جواز المعاطاة في خسائس الأشياء ونفائسها؛ كما في "الدر المختار"، والله أعلم.