الأول، وفي السؤال إشارة إلى الثاني، وفي الدعاء إشارة إلى الثالث، وإنما خصَّ الله تعالى هذا الوقت بالنزول الإلهي والتفضل على عباده باستجابة دعائهم وإعطائهم سؤالهم؛ لأنه وقت غفلة واستغراق في النوم واستلذاذ به، ومفارقة اللذة والدعة صعب لا سيما أهل الرفاهية وفي زمن البرد، وكذا أهل التعب ولا سيما في قصر الليل، فمن آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه مع ذلك .. دل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه. انتهى "إرشاد الساري".
[فائدة مهمة في النزول]
قوله:"ينزل ربنا" أخرج البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" عن أبي محمد المزني، يقول: حديث النزول قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق صحيحة، وورد في التنزيل ما يصدقه؛ وهو قوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}(١)، والمجيء والنزول صفتان منفيتان عن الله تعالى بطريق الحركة والانتقال من حال إلى حال، بل هما صفتان من صفات الله تعالى بلا تشبيه ولا تمثيل جل الله تعالى عما تقول المعطلة لصفاته والمشبهة بها علوًا كبيرًا.
وفي كتاب "الدعوات" لأبي عثمان: وقد اختلف العلماء في قوله: "ينزل ربنا": فسئل أبو حنيفة، فقال: ينزل بلا كيف، وقال بعضهم: ينزل نزولًا بالربوبية بلا كيف من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق بالتجلي والتملي؛ لأنه جل جلاله منزه عن أن يكون صفاته مثل صفات الخلق كما كان منزهًا عن