قال الخطابي: قد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأمرين اللذين جمعهما هذا القائل؛ فنص على أحدهما بالحظر والمنع، وعلى الآخر بالإباحة؛ وهو بول الإبل، والجمع بين ما فرقه الشرع غير جائز.
وأيضًا فإن الناس كانوا يشربون الخمر قبل تحريمها، ويشفون بها، ويتبعون لَذَّاتها، فلما حرمت عليهم .. صعب عليهم تركها والنزوع عنها، فغلظ الأمر فيها بإيجاب العقوبة على متناولها؛ ليرتدعوا عنها، وليكفوا عن شربها، وحسم الباب في تحريمها على الوجوه كلها شربًا وتداويًا؛ لئلا يستبيحوها بعلة التساقم والتمارض، وهذا المعنى مأمون في أبوال الإبل؛ لانحسام الدواعي، ولما على الطباع من المؤونة في تناولها، ولما في النفوس من استقذارها والنُّكْرةِ لها، فقياس أحدهما على الآخر لا يصح ولا يستقيم، والله أعلم. انتهى، انتهى من "العون".
قال النووي: في هذا الحديث التصريح بأنها ليست بدواء، فيحرم التداوي بها؛ لأنها ليست بدواء، فكأنه يتناولها بلا سبب، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا؛ أنه يحرم التداوي بها، وكذا يحرم شربها، وأما إذا غص بلقمة، ولم يجد ما يسيغها به إلا خمرًا .. فيلزمه الإساغة بها؛ لأن حصول الشفاء بها حينئذ مقطوع به، بخلاف التداوي. انتهى، انتهى "تحفة".
[تنبيه]
قال العيني في "العمدة": الاستشفاء بالحرام جائز عند التيقن بحصول الشفاء؛ كتناول الميتة في المخمصة، والخمر عند العطش، وإساغة اللقمة.
وأما الذي لا يباح .. فهو ما إذا لم يستيقن حصول الشفاء به، وقال: إذا فرضنا أن أحدًا عرف مرض شخص بقوة العلم، وعرف أنه لا يزيله إلا تناول المحرم ..