والتلبية: هي مصدر لبى؛ أي: قال: لبيك، ولا يكونُ عَامِلُهُ إلا مضمرًا؛ أي: ألببت يا رب بخدمتك إلبابًا بعد إلباب؛ من ألب المقام: أقام به؛ أي: أقمت على طاعتك إقامةً بعد إقامة، وقيل: أجبت دعوتك إجابةً بعد إجابة؛ والمراد بالتثنية: التكثير؛ كقوله تعالى:{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ}(١)؛ أي: كرةً بعد كرة، وحذف الزوائد؛ للتخفيف، وحذف النون؛ للإضافة، قاله القاري.
وقال الحافظ في "الفتح": وعن الفراء: هو منصوب على المصدر، وأصله لبًّا لك، فثني على التأكيد؛ أي: إلبابًا بعد إلباب، وهذه التثنية ليست حقيقيةً، بل هي للتَّكْثيرِ أو المبالغةِ؛ ومعناه: إجابة بعد إجابة، أو إجابة لازمة.
وقيل معنى لبيك: اتجاهي وقصدي إليك؛ مأخوذ من قولهم: داري تلب دارك؛ أي: تواجهها، وقيل معناه: أنا مقيم على طاعتك؛ من قولهم: لب الرجل بالمكان؛ إذا أقام، وقيل معناه: قربًا منك؛ من الإلباب؛ وهو القرب، والأول أظهر وأشهر؛ لأن المحرم مستجيب لدعاء الله إياه حج بيته، ولذا من دعي، فقال: لبيك .. فقد استجاب. انتهى "تحفة" باختصار.
* * *
(٣٧) - ٢٨٧٣ - (١)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من