يتولد من أكل لحمها في الإنسان شيء من طباعها، فيحرم؛ إكرامًا لبني آدم؛ كما أنه يحل ما أحل إكرامًا له. انتهى "رد المحتار"(٦/ ٤ و ٣).
[فائدة]
إنما عدل القائلون بالكراهة عن ظاهر التحريم المتقدم؛ لأنهم اعتقدوا معارضة هذا الحديث وبين قوله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ}(١)، ووجه ذلك: أنهم حملوا قوله تعالى: {فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} على عموم وحي القرآن والسنة، وقالوا: إن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة في حجة الوداع، فهي متأخرة عن تلك الأحاديث والحصر فيها، فالأخذ بها أولى؛ لأنها إما ناسخة لما تقدمها، أو راجحة على تلك الأحاديث.
وأما القائلون بالتحريم .. فظهر لهم وثبت عندهم أن سورة الأنعام مكية نزلت قبل الهجرة، وأن هذه الاية قصد بها الرد على الجاهلية في تحريمهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، ولم يكن في ذلك الوقت محرم في الشريعة إلا ما ذكره في الآية، ثم بعد ذلك حرم أمورًا كثيرة؛ كالحمر الإنسية والبغال وغيرها؛ كما رواه الترمذي عن جابر قال:(حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، ولحوم البغال، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير) رواه أبو داوود (١٤٧٨)، وذكر أبو داوود عن جابر أيضًا قال: (ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن